الهجرة إلى الحبشة و إسلام النجاشى
فى
السنة الخامسة من الدعوة الإسلامية زاد عدد المؤمنين لكنهم ليسوا بالعدد
الذى يستطيع الوقوف فى وجة قريش و الدفاع عن نفسة ضد الظلم و القهر و
العدوان , فنصحهم رسول الله بترك مكة و الهجرة إلى الحبشة لأن فيها ملك
لا يُظلم عندة أحد و عادل فى حكمة كريماً فى خلقة , وهناك يستطيعون العيش
فى سلام آمنين على أنفسهم و على دينهم و كان عددهم فى ذلك الوقت ثمانين
رجلاً غير الأطفال و النساء , و عندما علمت قريش بذلك أنزعجت و زاد
انزعاجها أكثر بإسلام عمر بن الخطاب و هجرته جهراً , وفى الحبشة كان
النجاشى ملك لها و كان على النصرانية و لكنه كان ملك كريم عادل لا يظلم
أحداً , و بعد أن علمت قريش بهجرة المسلمين ارسلوا أثنين منهم من بينهم
سيدنا (( عمرو بن العاص )) قبل إسلامة فذهبوا للنجاشى و أهدوة الهدايا ثم
حدثاه بأمر المسلمين فقال لهم النجاشى : لن احكم عليهم إلا بعد أن اسمع
منهم , فجاؤا برجال من المسلمين و كان على رأسهم جعفر بن أبى طالب فسألهم
النجاشى : ما شأنكم و ما هو هذا الدين الذى تعبدونه ؟ فرد عليه جعفر بن
ابى طالب و قال : إنا كنا نعبد الأصنام و نأكل الميتا ونأكل الفواحش و
نقطع الرحم و نؤذى الناس فجاءنا رجل هو من أفضل قومنا و أوسطها برساله من
عند الله رب العالمين فأمرنا أن نعبد الله الواحد ونترك عباده الأصنام و
أمرنا بصله الرحم وعدم إيذاء الناس و أمرنا بالأخلاق الحميدة و أمرنا بترك
الفجور و المعاصى و فعل الخير فقال له النجاشى : هل عندك من ما جاء به هذا
الرجل ؟ قال له جعفر نعم فقال له النجاشى : إقرأ علي : فقرأ سيدنا جعفر
: سورة مريم و ذكر له قصة زكريا عليه السلام و يحيى عليه السلام فقال له
النجاشى : إن هذا ما جاء به عيسى عليه السلام لا يخرج من مشكاه ( النافذة
) واحدة فتأثر النجاشى و قال لهم : إذهبوا فتركهم , و لكن سيدنا عمرو بن
العاص كان زكياً فطناً فاستأذن مرة أخرى على النجاشى فدخل عليه و قال له
: إن هؤلاء الذين تركتهم فى مدينتك يسبون عيسى عليه السلام , فأستدعاهم
النجاشى مرة أخرى و قال لهم: ما تقولون فى عيسى عليه السلام ؟ فردوا عليه
بالأيات من سورة مريم أيضاً : فتعجب النجاشى و قال : الله أكبر و أخذ عود
صغير من الارض و قال : والله ما تعدى عيسى ما قلت هذا العرجون , و لكن
بدأت الفتنة بعدها فى أرض الحبشة لأن النصرانيين فى الحبشة لم يسرهم ما حدث
, حتى أسلم النجاشى سراً و حدثت حرب بين أنصار النجاشى و جيش أخر و
انتصر النجاشى و سار المسلمون فى أمان فى بلاد الحبشة ينشرون الدعوة
هناك . و ظل النجاشى مسلم فى الخفاء حتى مات و جاء جبريل للنبى و أبلغة
بموت النجاشى فصلى عليه النبى صلاه الغائب.
عام الحزن و ما تبعة من أحداث
فى
عام سمى بعام الحزن , رحل فية عن الدنيا عم الرسول أبو طالب الذى كان
حصنه المنيع و ناصره الوحيد , و فى أخر أيام ابى طالب عم النبى كان سيدنا
محمد يدعوه دائماً للإسلام لله الواحد الأحد و كان الرسول يحب عمه حباً
شديداً و كان دائماً ما يقول له يا عماه, قول أشهد أن لا إله إلا الله
أشفع بها لك عند ربى , و لكن أراد الله تعالى أن ينهى حياه ابى طالب و هو
على الكفر ففى أخر يوم و فى حالة مرضة الشديد و قبل موتة بلحظات جاءة سيدنا
محمد و كان ابو جهل قد ذهب هو الأخر لأبى طالب , فقال له سيدنا محمد
يا عماه : قل أشهد أن لا إله إلا الله أشفع لك بها عند الله , فكاد أبى
طالب يقولها و لكن رأس الكفر ابو جهل قال له : يا ابا طالب: أتُسلم و تدخل
فى دين محمد و يقول الناس أن كبير مكة و قائدها دخل فى دين محمد قبل موتة ؟
فتردد ابى طالب و لكنة مات على كفره و حزن عليه الرسول حزناً شديداً
لأنه كان حصنه و كان يدافع عنه دائماً , ثم بعدها بقليل توفيت زوجته الوفيه
السيدة خديجة رضى الله عنها و كانت أقرب الناس إلية فكانت تواسيه فى حزنه و
كان يحبها حباً شديداً و أنزل الله جبريل عليه السلام قبل موت خديجة
للرسول يقول له يا محمد : إن الله يُقرأ خديجة السلام و يبشرها بقصر من
قصب (( لؤلؤ )) فى الجنة ثم ماتت السيدة خديجة , و لذلك سماه الرسول عام
الحزن لأن عمه اعطاه الصمود و زوجته خديجة اعطته الحب و روح الصعود و كانت
أول من آمنت برسالته , و لعل الله تعالى قدر ذلك ليقول لسيدنا محمد أن ما
كان يحميك الأن قد مات و أن من كانت تعطيك الحنان الأن قد ماتت و ها أنت
الأن يا محمد بين حب الله تعالى و بين حمايته , أما عن قريش فقد أنتهزت
قريش عام الحزن و اشتد إيذاؤها للرسول و أصحابه رضى الله عنهم , فخرج بعد
ذلك إلى الطائف بقبيلة ثقيف و دعوتها إلى الهداية و لكن هذة القبيلة جاملت
قريش و أمرت سفهائها أن يؤذوا محمد فشكا إلى الله تعالى مستغيثاً بدعائه
المشهور (( اللهم إنى أشكو إليك ضعف قوتى و قلت حيلتى و هوانى على الناس ,
برحمتك أستغيث , انت رب المستضعفين و أنت ربى , إلى من تكلنى؟ إلى بعيد
يتجهمنى أم إلى عدو ملكتة أمرى ؟ أسألك بنور وجهك الكريم الذى أشرقت به
الظلمات وصلح به أمر الدنيا و ألآخرة من أن يحل بى غضبك أو أن ينزل على
سخطك , لك العتبى حتى ترضى و لا حول ولا قوه إلا بك )) ثم عاد بعدها إلى
مكة , و بعدها أرسله ربه سبحانه و تعالى إلى رحله السعادة و المتعة(( رحلة
الإسراء و المعراج )) .